الحركة الأولمبية


نشأت الحركة الاوليمبية فى عصر التصنيع للرأسمالية الاوروبية وبدأت كممارسة اجتماعية عظيمة بعد دخول البشرية الى حضارة الصناعة وهى تتساير مع حاجة التطورات الاجتماعية و تيار التطورات الرياضية مستندة الى القواعد الاقتصادية و السياسية والثقافية الاجتماعية المتينة . ونشأت على الخلفيات التالية :
ست خلفيات عصرية

وضعت 3 حركات فكرية وثقافية كبرى اساسا فكريا للحركة الاوليمبية . ففى الفترة ما بين القرن ال 14و القرن ال18 ظهرت الحركة الفكرية والثقافية الكبرى لـ3مرات فى القارة الاوروبية وهى النهضة الادبية والفنية وحركة الاصلاح الدينى وحركة التنوير. وقد حطمت هذه الحركات الثلاث اغلال الاقطاع التى ظلت تقيد عقول الناس فى القرون الوسطى وازالت العراقيل الفكرية الرئيسية فى طريق تطور الرأسمالية واستقبلت العصر المتمثل فى تحرير العقول وانبثاق المؤهلين و ازدهار العلوم فظهرت الى حيز الوجود افكار وثقافات وعلوم وفنون جديدة تباعا وهى تتماشى مع تطور القوة المنتجة الجديدة وحاجة علاقات الانتاج الجديدة بينما ولدت الفكرة الرياضية الجديدة اى الفكرة الرياضية الحديثة فى ضوء هذه الظروف ذاتها وفى ظل الحركات الثقافية والفكرية الثلاث قام العلماء ببحث وتصنيف التراث الوفير الناتج عن الالعاب الاوليمبية اليونانية القديمة والعاب التنافس الاخرى فى القرابين ورياضة اثينا القديمة والفكرة التعليمية الداعية الى التنمية المتناغمة جسديا وروحيا فى اثينا القديمة ووسائل الالعاب الرياضية اليونانية القديمة واساليبها وقاموا بنشر هذه الفكرة على نطاق واسع وهم يرون ان رياضة اثينا القديمة تتفق مع ” طبيعة الانسان ” وتهتم بسعادة الفرد .

2 / هيأ انتاج التصنيع الرأسمالى واسلوب التعليم البروجوازى أرضية مناسبة لظهور الحركة الاوليمبية الحديثة :
لقد جلبت الثورة الصناعية الرأسمالية سلسلة من التحولات العميقة الى البشرية ودفعت تطور العلوم الطبيعية الحديثة مما ارسى اساسا اقتصاديا عميقا للرياضة البدنية الحديثة واكسبها قوة حيوية اقوى. ونظرا لان اسلوب الانتاج والحياة فى مجتمع التصنيع اوجد سلسلة من التحديات الصارمة تجاه الانسان جسديا ونفسيا فقد وجد الناس معرفة جديدة لحركات الجسم فى مسيرة البحث عن اسلوب حياة جديد ومثالى وشرعوا بتحويل اهتمامهم الى تحسين جسم الانسان نفسه، ولقيت الرياضة مزيدا من التطورات لكونها حاجة اجتماعية مثالية .

ابتداء من عصر النهضة ظل العلماء التربويون البرجوازيون يدعون بجهد جهيد الى ممارسة الرياضة البدنية باعتبارها وسيلة هامة لاعداد الاكفاء فاعادوا نظام الرياضة البدنية الذى كان سائدا فى اثينا القديمة ووضعوا مزيدا من الاجراءات الرامية الى تعزيز التمرينات البدنية وبحثوا بصورة ايجابية عن اساليب الحركات وعملوا بقوة على ان تشهد اجسام الطلاب تطورا شاملا . فاصبحت الرياضة نشاطا تعليميا هاما لايمكن تجاهله. وفى مسيرة حركة الاصلاح و حركة التنوير ادت ممارسة البحث والاستكشاف فى مجال التعليم الى المزيد من اثبات مكانة الرياضة البدنية. فدعا الاشخاص الذين يمثلون حركة الاصلاح وحركة التنوير الى ان تكون الرياضة البدنية جزءا من التعليم بينما اكد بعضهم ان التعليم فى المدرسة ينقسم الى 3 اجزاء هى التعليم الذهنى والتعليم الاخلاقى والرياضة البدنية، مشيرين الى ان الرياضة البدنية هى اساس كافة فروع التعليم مما جعل الرياضة البدنية جزءا مستقلا لا يمكن اغفاله فى التعليم المدرسى .

3 / اكتشفت اثار اطلال الاوليمبياد فى العصور القديمة مما اثار تشوق وتطلع الناس نحو الاوليمبياد. ففى حركة النهضة الممتدة بين القرن ال14 والقرن ال15 كانت البرجوازية الناشئة فى قارة اوروبا قد تغنت بروح الرياضة البدنية اليونانية القديمة مما اعاد الى اذهان الناس اوليمبياد اليونان القديمة والتى تلاشت منذ زمن طويل واكتشفت اثار اطلالها مما اثار تشوق الناس اليها. وكان العلماء فى بريطانيا و فرنسا والمانيا قد اعربوا عن رغبتهم فى دخول اليونان للبحث عن اثار الاوليمبياد القديمة بيد ان هذه الرغبة لم تحقق بسبب حصار الاتراك .

حتى عام 1766 سمح لعالم بريطانى بالدخول الى اليونان لممارسة البحث الميدانى حيث اكتشف اطلال الاوليمبياد القديمة . وفى عام 1828 قام العلماء الفرنسيون الملحقون بالتشكيلة العسكرية الفرنسية المؤيدة لمقاومة اليونان ضد الغزو التركى باعمال تنقيب فى اطلال الاوليمبياد القديمة ونقلوا ما اكتشفوه من الاثار الثمينة الى باريس لعرضها فى متحف اللوفر .

وفى عام 1881 اكتشفت كافة المنشات الرئيسية لاطلال اوليمبياد اليونان القديمة، وعرضت امام العالم .
وفى عام 1887 اثارت الكمية الكبيرة من الاثار المكتشفة من اطلال الاوليمبياد القديمة والمعروضة فى برلين تطلع الناس الى الاوليمبياد وهم يأملون فى ان تعود الاوليمبياد الى الحياة الواقعية من جديد .

4 / لقد ساهم ظهور الميل والنزعة لعالمية الرياضة البدنية فى تهيئة الظروف لولادة الحركة الاوليمبية .فى اواخر القرن ال 19 تكسرت الحواجز التى كانت تفصل بين الامم تماشيا مع الانتقال من الرأسمالية الحرة الى الرأسمالية الاحتكارية وتشكيل السوق العالمية . وشهدت الرياضة البدنية مباريات وتبادلات دولية متجاوزة حدود الدول الامر الذى ادى الى تشكيل الميل الى عالمية الرياضة. ونظرا لحاجة المسابقات والتبادلات الدولية تأسست منظمات دولية لمختلف الالعاب على التوالى .

وفى عام 1881 تأسس اتحاد الجمباز الدولى وهو الاول من نوعه و فى عام 1892 تأسس اتحاد التجديف الدولى والاتحاد الدولى للتزلج على الجليد تباعا . وادت ولادة الاتحادات الرياضية الدولية الى تخليص المنافسات من التقاليد المحلية لتتمتع بالطابع الدولى. وعلى اساس تأسيس الاتحادات الدولية للالعاب المختلفة والتطور الجياش لمنافساتها الدولية، اعرب الناس عن حاجتهم الملحة الى تنظيم دورة العاب اكبر واكثر شمولا فى العالم مما خلق ظروفا صالحة لولادة اوليمبياد حديثة وتماشيا مع زيادة التبادلات الرياضية الدولية ظهرت الحاجة الملحة لولادة منظمة رياضية دولية تنسق نشاطات هذه الاتحادات الرياضية .

5 / قدمت الممارسات التجريبية التى قام بها مختلف المناطق فى العالم لبعث واحياء الاوليمبياد تجارب لنهضة الحركة الاوليمبية. فى اوائل القرن الـ 19 قام بعض الدول فى اوروبا و امريكا باعمال تجربة من مختلف الانواع لاحياء الاوليمبياد. وعلى سبيل المثال تم تنظيم مسابقات سمتها الصحافة المحلية باسم “اوليمبياد” على يد بروفيسور سويدى لمرتين فى ثلاثينات القرن 19 كما اقيم “مهرجان اوليمبى” سنويا فى بريطانيا لمدة سنوات عديدة ابتداءا من عام 1849 .

بعد اواسط القرن ال 19 كان اليونانيون يأملون فى بعث الحضارة اليونانيةعن طريق نهضة الاوليمبياد القديمة .
تم تنظيم اول دورة اوليمبية يونانية شاملة على يد يونانى وبتأييد من الملك اليونانى وذلك فى اثينا فى 1 اكتوبرعام 1859 ومن ثم اقيمت مثيلتها ل4 مرات فى عام 1870 وعام 1876 وعام 1887 وعام 1889 بيد انها لم تستمر فى التطور نتيجة لسوء التنظيم ومشاركة اليونانيين فيها فقط. ولكنهااحدثت تأثيرا كبيرا على مختلف البلدان فى اوروبا حيث نشرت الصحف فى عدد من هذه الدول تقارير مفصلة ودقيقة نسبيا عن هذه الدورات الاوليمبية اليونانية مما اثار استجابة فى تلك الدول اكبر مما فى ارض اليونان نفسها وكدس تجارب سلبية وايجابية لنهضة الحركة الاوليمبية .

6 / ان التهديد بالحرب وتطلع الناس للسلم قد دفعا نهضة الحركة الاوليمبية ففى اواخر القرن 19 ظهرت فىالعالم الرأسمالية الاحتكارية و الامبريالية وصعدت الى مسرح الاحداث دولة امبريالية جديدة وقوية هى المانيا برئاسة الحاكم وليم الثانى وحاولت شن الحرب واعادة اقتسام العالم فخيمت غيوم الحرب على اوروبا كلها .
وفى تلك الفترة كان صوت المانيا المطالب باحياء الاوليمبياد عاليا وكان بعض الالمان المغرضين يحاولون من خلال اقامة الاوليمبياد توسيع التأثيرات من اجل الهيمنة على العالم. وما ان شنت المانيا الحرب حتى وقعت كارثة الحرب اولا على الشعب الفرنسى نظرا لان فرنسا جارة قريبة لالمانيا .ومقابل ذلك كان الشعب الفرنسى يعارض الحرب معارضة شديدة ويرغب فى المحافظة على السلم فى العالم. و على ضوء ذلك كانت روح الصداقة و السلم المجسدة فى الاوليمبياد القديمة تتفق تماما مع رغبة الشعب الفرنسى وشعوب العالم فى السلم. لذا فان احياء الاوليمبياد امر مفيد لتطور الرياضة الدولية وساعد ايضا الشعب الفرنسى وشعوب العالم فى النضال ضد هيمنة المانيا على العالم . فاصبح احياء الاوليمبياد حاجة ملحة لدى الناس ومهمة تاريخية مجيدة على عاتق الشعب الفرنسى .

تطور الحركة الأولمبية

تعتبر الحركة الاوليمبية الحديثة حركة اجتماعية دولية تتخذ الالعاب الرياضية ومهرجان الاوليمبياد المقامة مرة فى كل 4 سنوات كموضوع رئيسى لها وتدفع تطورالانسان الشامل بدنيا ونفسيا واخلاقيا واجتماعيا و تربط شعوب مختلف البلدان وتعزز التفاهم بينهم، وتعمم الروح الاوليمبية فى العالم وتحافظ على السلام فىالعالم. اليوم وبعد اكثر من مائة سنة على قيام اللجنة الاوليمبية الدولية اصبحت الاوليمبياد عيدا يحتفل به العالم كله ويشارك فيه اكثرمن 200 دولة ومنطقة فى العالم. لقد اجتازت الحركة الاوليمبية خلال المائة سنة واكثر المراحل التالية :
مرحلة البحث الشاق الفترة من 1894 الى 1914 .
مرحلة التشكل الاولى ( فى الفترة بين الحربين العالميتين الاولى والثانية ) .
مرحلة التطور والازمة الفترة من 1945 الى 1980 .
مرحلةالاصلاح و الابداع الفترة من 1980 الى 2000 .
مرحلة التطلع فى القرن 21

مستقبل الحركة الأوليمبية

منذ بدء الاصلاح فى الثمانينات لحقت الحركة الاوليمبية بخطوات تيار العصر الحديث وتغلبت على الازمة الاقتصادية والسياسية التى هددت بقاء الحركة الاوليمبية ، بيد ان هذه الحركة لاتزال تواجه مشاكل عديدة تشكل تحديات امام مستقبل تطورها .

فهذه التحديات تشمل ضرورة صيانة استقلالية اللجنة الاوليمبية الدولية بعد ظهور تدخلات سياسية فى الحركة الاوليمبية والتحديات المثتلة بالتناقضات بين اللجنة الاوليمبية الدولية ومنظمات الالعاب الفردية واللجان الاوليمبية لمختلف الدول والتحديات المتثملة بتسويق الالعاب وتحديات سوء استخدام المنشطات وتحديات احتراف الرياضيين .
عند التطلع الى المستقبل ستدخل الحركة الاوليمبية الى مرحلة تطور مستقر نسبيا مع حلول الاحتفال بمرور مئة سنة على ولادتها وستفتح ابوابها امام الرياضيين المحترفين وذلك يعنى ان الاوليمبياد ستكون ساحة يتنافس فيها الرياضيون الممتازون فى العالم , ومن جهة اخرى ستزيد الحركة الاوليمبية من تطورها المتوازن بحيث تندمج سباقات الالعاب رفيعة المستوى خلال الاوليمبياد مع الرياضة البدنية الجماهيرية ويدفعها للامام حتى تكون الرياضة الجماهيرية جزءا هاما مكملا للحركة الاوليمبية .

ما هو البرنامج الاوليمبى ؟

البرنامج الاوليمبى” يقصد به الالعاب والانواع والمسابقات التى قررت اللجنة الاوليمبية الدولية تنظيم منافساتها فى الدورة الاوليمبية الصينية والدورة الاوليمبية الشتوية على ان تحافظ العاب السباقات فى دورة بكين على 15 لعبة على الاقل , اما العاب المسابقات فى الدورة الشتوية والتى لم يحدد عددها الادنى فانه من الضرورى ان تكون العابا يمكن ممارستها على الجليد والثلج